تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم: كيفية تطوير تقدير الذات لدى الصغار

تعزيز تقدير الذات عند الأطفال

يجعل نقص الثقة بالنفس من الصعب على الإنسان العيش بسلام، ويعد الأطفال من الفئات الأكثر حاجة للدعم والتشجيع من أسرهم وأصدقائهم خلال مرحلة النمو والتطور، لكن حتى مع الحضور المستمر للأصدقاء والعائلة قد يشعر بعض الأطفال بالوحدة والضياع إذا لم يشعروا بالثقة الملائمة من المحيطين بهم، فما هي الطرق الفعالة لتطوير الثقة بالنفس لدى الأطفال؟

تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم: كيفية تطوير تقدير الذات لدى الصغار

حسب موقع "كيدز هيلث" فإن الصغار الذين يتمتعون بالثقة والاطمئنان تجاه أنفسهم يمتلكون القدرة على استكشاف العالم المحيط بهم وتجربة أشياء جديدة، ويبذلون جهودًا كبيرة في مهامهم وأعمالهم ويشعرون بالفخر والاعتزاز بإنجازاتهم، مما يعزز ثقتهم في أنفسهم وقدراتهم، كما يتمتعون بالقدرة على التعامل مع الأخطاء والفشل، والمحاولة مرة أخرى بكل ثقة وإيجابية.

أما الأطفال الذين يعانون من قلة الثقة بأنفسهم فيشعرون بالشك والقلق ويعتقدون بأن الآخرين لن يقبلوهم ولا يرغبون في وجودهم بينهم، وحينما يتعرضون للمضايقات والإساءة يجدون صعوبة في الدفاع عن أنفسهم، ويستسلمون بسرعة للظروف الصعبة، بالإضافة إلى ذلك، فهم يجدون صعوبة في التأقلم عندما يواجهون الفشل أو الخسارة.

لذلك من المهم بمكان تعزيز ثقه الأطفال في أنفسهم، وذلك بإعطائهم فرصة لتجربة أشياء جديدة، وتشجيعهم على العمل بجد والاعتماد على قدراتهم الشخصية، وتقديم المساعدة والدعم اللازمين لهم ليتعلموا كيفية التعامل مع الأخطاء والتحديات بكل ثقة واعتزاز.

معنى تقدير الذات عند الأطفال، وأنواعه

يعني مفهوم تقدير الذات لدى الأطفال:  رؤية إيجابية لذاتهم تتضمن ثقتهم الكافية بأنفسهم، وشعورهم بالكفاءة والتقبّل من الآخرين، ويتألف هذا المفهوم الهام من ثلاثة أنواع أساسية ومتكاملة، هي:

1. تقدير الذات الجسمي: حيث تنصب الجهود على دفع الطفل لتعرف جسمه وأعضاءه المختلفة، وكيفية المحافظة عليها وحمايتها، بالإضافة إلى تنمية المهارات الحركية والعضلية لديه، وتعزيز شعوره بالتقبّل والرضى والثقة بصورته وشكله وجسده.
2. تقدير الذات النفسي: يرتبط بمدى كفاءة الطفل، بما في ذلك قدرته على التحصيل العملي والمعرفي، ومدى استعداده للاستفادة من الخبرات، ونمو تفكيره المنطقي والإبداعي، وتحفيز جانبه الإبداعي، بالإضافة إلى رؤيته لنفسه ومدى رضاه عن ذاته وصفاته.
3. تقدير الذات الاجتماعي: يتعلق بقدرة الطفل على تكوين علاقات اجتماعية وتفاعله مع محيطه، ويتطلب تحفيزه وتوفير الفرص، من خلال التعاون والتشارك في إنجاز الأعمال والنشاطات التشاركية والفعاليات والألعاب الرياضية المختلفة.

لا شكّ أن تقدير الذات للطفل يعدّ من العوامل المؤثرة في نموّ شخصيته واستقراره النفسي، لذلك ينبغي علينا أن نحرص على تعزيزه وتطويره من خلال توفير الدعم والإرشاد والتشجيع للأطفال، والتي ستساعدهم في بناء شخصيات قوية.

كيف يتشكل مفهوم الذات لدى الأطفال؟

تعتمد مشاعر الأطفال تجاه أنفسهم بشكل رئيسي على ما يحدث في حياتهم الخارجية، ومع ذلك يعتمد تقدير الذات الصحي على ما يحدث داخلنا وعلى ما نعرفه عن أنفسنا، وعندما يبني الأطفال تقديرهم لذواتهم على هويتهم ومن يكونون، يكون ذلك التقدير متيناً ومتماسكاً دون تأثره بالأمور الخارجية.

ولكن فكرة المقارنة خطيرة للغاية! فهي تخلق لدى الأطفال شعوراً بالغيرة والاستياء وقد تدفعهم للإيمان بمعتقدات مضللة مثل "أنا لست جيداً بما فيه الكفاية" ويؤدي ذلك إلى انخفاض تقدير الذات.

لذا فإنه يتعين علينا كبالغين أن نساعد الأطفال على بناء تقدير صحي لذواتهم وتعزيز شعورهم بالثقة والتفاؤل وعدم مقارنتهم بالآخرين، عندها سيكون لديهم القدرة على مواجهة الصعوبات وتحقيق أهدافهم بثقة وإيجابية.

أهمية تطوير تقدير الذات عند الأطفال في سن مبكرة

تشير العديد من الأبحاث إلى أن شعور الأطفال بتقدير الذات والثقة بالنفس يتحسن في مرحلة مبكرة من العمر، ويمكن أن يبدأ منذ سن الخامسة قبل دخولهم الروضة، لهذا فإن تطوير هذه المهارات الإيجابية للطفل في وقت مبكر يساعد على تعزيز قدرته على بناء علاقات صحية وصداقات قوية، ويجعله أكثر إيجابية ومتفائلاً بالحياة.

ومن المهم أيضاً أن يشعر الطفل بالمحبة والأمان والسعادة مما يجعله يشعر بالقوة والمرونة عند التعامل مع الصعوبات والمشاكل التي قد يواجهها في المستقبل، وبالمقابل إذا لم يتم تقدير الطفل بشكل صحيح فقد يعاني من نقص في الثقة بالنفس ويمكن أن يؤثر ذلك على أدائه المدرسي ويسبب له مشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق والانطوائية ومشاكل في النوم.

وبالنسبة للأهل فإن دورهم حاسم في تقدير الطفل لذاته، ويمكن أن يكون التأثير الأكبر في الشعور بالتقدير في سن الرابعة أو الخامسة، وبالإضافة إلى العمر والجنس والمدرسة والظروف والبيئة، فإن هذا الدور الحاسم للأهل لمساعدة الطفل على التطور والنمو الصحيح.

من المهم أن يتم إرشاد الأطفال وتوجيههم بشكل إيجابي دون إهانة أو إهمال، وتشجيعهم على تحديد أهداف ووضع خطط ومساعدتهم على تحقيقها، بذلك يمكن للأطفال أن يكتسبوا الثقة في أنفسهم ويشعروا بالقبول والتقدير، وهذا سيساعدهم على التعامل بفاعلية مع التحديات والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم.

كيف يمكننا تحفيز الثقة في النفس لدى الأطفال؟

يواجه بعض الأطفال مشكلة الخجل الزائد الذي يؤثر سلباً على ثقتهم بأنفسهم، سواء مع أصدقائهم أو زملائهم في المدرسة، وهذا الأمر قد يستمر حتى يصبحوا في سن الشباب. لذلك، يجب على الوالدين تقديم بعض النصائح الهامة لتعزيز ثقة الاطفال بأنفسهم:

• أن يقوم الوالدين بمدح الطفل عند قيامه بأعمال صغيرة، حتى يشعر بأنه محبوب ومقدر، مما يعزز ثقته بنفسه.
• تشجيع الأطفال على ممارسة بعض الأنشطة الرياضية والفنية التي تساعد على تطوير مهاراتهم وزيادة ثقتهم بأنفسهم بين زملائهم.
• ينبغي على الوالدين توجيه الصغار وتعليمهم كيفية اتخاذ القرارات المناسبة والمتناغمة مع القيم والمعايير الإيجابية، وذلك ما يعزز ثقتهم في أنفسهم ويشجعهم على التفكير الناقد والبناء.
• إشراك الأطفال في الأعمال المنزلية مثل المساعدة في الطهي وإعداد الطاولة، مما يعزز قوة شخصيتهم ويزيد من ثقتهم بأنفسهم.
• تقديم مكافأة رمزية عند قيامهم بأعمال محددة مثل الأعمال المنزلية أو التفوق في بعض الأنشطة الرياضية أو الفنية.

باختصار يمكن تعزيز ثقة الاطفال بانفسهم من خلال تقديم بعض النصائح الهامة والداعمة لهم في الحياة اليومية.

تأثير أساليب التربية على تقدير الذات للطفل

يعتبر تفاعل الأهل مع أطفالهم وأسلوب تربيتهم من العوامل الأساسية التي تؤثر على تقدير الذات لدى الطفل، ويجب توخي الحذر والانتباه لما قد يؤدي إلى تقليل ثقة الطفل بنفسه، ومن بين تلك الأمور المؤثرة سلباً:

• الإهمال وعدم المشاركة في أنشطة الطفل وإنجازاته، وعدم تقديم الدعم النفسي والإيجابي الذي يحتاجه الطفل.
• ردود الفعل الغاضبة والمبالغة عند حدوث أخطاء من قبل الطفل، مما يدفعه إلى الشعور بالرهبة من تجربة أشياء جديدة في المستقبل وتقليل ثقته بنفسه.
• مقارنة الطفل بالآخرين سواء كانوا إخوة أو أطفال في العائلة أو المدرسة، مما يخلق لديه شعورًا بعدم القدرة على المنافسة وتقليل ثقته في نفسه.
• التقييم الوحيد للطفل يعتمد على الدرجات التي يحصل عليها في المدرسة، مما يسبب الشعور بعدم الكفاءة والتقليل من ثقته في نفسه في النواحي الأخرى من الحياة.
• نقد الذات أمام الأطفال من قبل الوالدين، مثل: الشكوى من المظهر أو الوزن أو الفشل في إنجاز مهمة ما، مما ينتقل إلى الطفل ويسبب عدم الاعتماد على نفسه.
• المدح الزائد لكل فعل يقوم به الطفل، فقد يؤدي إلى شعور الإحباط إذا لم يتم مدحه في فعل آخر، وبالتالي قد يقلل من تقديره لذاته.
• الحماية المفرطة للطفل، حيث يرسل إليه إشارة بأنه غير قادر على القيام بالأمور لوحده، ويؤدي إلى الشعور بالتبعية وعدم الثقة بالنفس.

لذلك ينبغي على الآباء والأمهات والمربين العمل على تعزيز تقدير الذات لدى الاطفال من خلال تقديم الدعم والمساندة، وتشجيعهم على تجربة أشياء جديدة والاستمرار في التعلم والتطوير، وتحفيزهم على العمل بجد والاستمتاع بالنجاحات الصغيرة والكبيرة، وتحسين العلاقة بين الآباء والأطفال وتوفير بيئة داعمة ومحفزة للنمو النفسي والاجتماعي والعاطفي للأطفال.

نصائح مهمة لتعزيز تقدير الذات عند الأطفال

يعتبر تقدير الذات أحد الجوانب الأساسية التي تؤثر على نمو الطفل النفسي والاجتماعي. لذا، يجب على المسؤولين عن الأطفال مساعدتهم على بناء تقدير عالٍ ومتين لذواتهم. فيما يلي بعض النصائح المهمة التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك:

1. التحدث مع الطفل عن تقدير الذات: ينبغي للمسؤولين عن الأطفال أن يشجعوهم على فهم أن تقدير الذات يأتي من الداخل ويتوقف على ما يعتقدون به أنفسهم وليس على أفعالهم.
2. احترام الذات عند الأطفال وفصلها عن الأفعال:  عندما يفشل الطفل في امتحان ما، يجب أن يتعلم أن ذلك لا يعني أنه فاشل، بل يعني أنه يحتاج إلى تحسين مهاراته. علينا أن نفصل بين قيمة الشخص وأفعاله. 
3. تفادي مقارنة الطفل بالآخرين: عندما يقارن الطفل نفسه بالآخرين، فإنه يضع تقدير ذاته في أيدي الآخرين ويعتمد عليهم في تحديد قيمته. بدلاً من ذلك، يمكن إرشاد الطفل لتحسين مهاراته وتعزيز ثقته بنفسه. 
4. تشجيع الطفل على التميز:  يجب على المسؤولين عن الأطفال تشجيعهم على الاهتمام بمواهبهم وتعزيزها، حتى يتمكنوا من الشعور بالفخر بذواتهم وبتميزهم.
5. إتاحة الفرصة للطفل للتعبير عن نفسه:  يجب على المسؤولين عن الأطفال أن يسمحوا لهم بالتعبير عن أنفسهم بكل حرية وصدق، ويجب أن يتم استقبال هذه التعابير بتفهم واحترام. يتطلب ذلك توفير بيئة آمنة ومريحة للأطفال للتحدث دون خوف أو قلق من التعرض للانتقاد أو العقاب.

اقرأ أيضاً: إذا كنت تريد أن تصبح خبيرًا في فن الرد، فعليك أن تتعلم اللباقة والاحترافية في التعامل مع الآخرين.

عبارات جميلة عن الثقة بالنفس

إنّ الثقة تُعتبر أحد الأمور العظيمة التي يصعب العثور عليها في أي شخص، ومن هنا جئت لأقدّم لكم في هذا العنوان أروع ما قيل عن الثقة:

• وضع ثقتك في الجميع خطأً أكبر من شككك بهم.
• الثقة التي تُكتسب بالرشوة تنهار أمام الرشوة.
• لا تكتسب الثقة بالآخرين كأنها شيء يُمنَح، فهي تكتسب بجهدٍ ومثابرة.
• عندما يتعلق الأمر بنقود طائلة من المال، فلا توثق بأحد.
• ثِق بالآخرين، ولكن لا تجعل ثِقتك مطلقة.
• لن تكون مبدعًا إلّا إذا وثقت بنفسك ولم تطمع فيما يملكه الآخرون.
• سامح عدوك، ولكن احترس ولا تثق به.
• أُحِب جميع الناس، لكن أوثق بالقليل منهم.
• الثقة والشك هما بالتساوي سبب دمار البشر.
• من يحيى بالثقة تحيييه الثقة.
• كلمة الثقة قد تكون بسيطة في الأحرف، إلا أنها تحمل بداخلها الكثير من الدلالات والمعاني المهمة. 
• الثقة معدية، مثلما هو الحال بالنسبة لعدم الثقة.
• ثق بنفسك، فأنت تعرف أكثر مما تتوقع.
• الثقة تحفةٌ تزداد قيمتها كلما مر الوقت.

في نهاية المطاف 💙👱💬 يجب على الأهل أن يتذكروا دائمًا أنه بغض النظر عن حبهم الكبير لأطفالهم أو الوقت الذي يمضونه معهم، فإنهم لن يتمكنوا من إعطائهم تقدير الذات الكامل، ولكن بإمكانهم مساعدتهم على تطوير تقدير الذات الخاص بهم، وعلى الأهل أن يحفزوا أطفالهم على التعبير عن أنفسهم بحرية وإعطائهم الثقة في قدراتهم ومهاراتهم، وتقدير إنجازاتهم الصغيرة والكبيرة.

تعديل المقال